التخطي إلى المحتوى الرئيسي

وصايا غجري الحكيم




وَصاَيا غَجرىِ ألحَكِيم

إبنتي مريم - من جديد - أحدثك .. لعلها المرة الأخيرة أعرف أنه الآن - ربما - يكون حديثي ضيقاً على صدرك لما جري بيننا آخر مرة .. أو لعلكِ سامحتني وسوف تقابليه بلهفة مسافر وصل تواً إلى أرض وطنه ، علي الرغم من أننا لم نتحدث كثيراً في السنوات الأخيرة سوى مرتين أو ثلاثة عن طريق رسائل البريد المملة - التى ساعدت على تطور الخلاف بيننا - إلا إننى إشتقت إلى صوتك بشدة
عزيزتى ...
سأدخل في صلب الموضوع مباشراً  كَوني أباكِ هذا لا يعصمني من الخطأ .. لا أريدك أن تكبري وأنتِ تظنّين أنى رجلاً كاملاً لا أخطئ ولا أجاهد غضبى وغرائزى. أريدكِ أن تنسى هذه الدعاية الزائفة التى تروجها الافلام فأنا لست مثالياً كما كنتِ تتصوريين وليست المثالية هى أن لا أخطئ أبداً ولكن المثالية هى كيف أسامح من جديد ، بعد الحادث الأليم الأخير الذي فرق بيننا ربما أصبحتِ تكرهينني الآن ولكن كان ينتظر أباكِ فرصة أخري منكِ حُلوتى ، أكتب لكِ الآن وفي قلبي الكثير من الحب وحتى لو لم أكن أحبك الآن فأنا أقدر كل لحظة جمعتنا سوياً كما قال الشاعر إبن الفارض " عذّبْ بما شئتَ غير البعد عنك تجد أوفى محبّ بما يرضيك مبتهج " ..
أنا الآن متوتر قليلاً مشتت الذهن والأفكار تأتى وتذهب سريعاً مضطرب بعض الشئ أحاول أن أتذكر آخر ليلة لنا معاً لكن هنا جزء مازال مختفي غير واضح وغامض ربما لسرعة الأحداث ، درجة الحرارة الآن منخفضة جداً لدرجة تجعل أصابعي ترتجف من شدة البرد أتمني أن يساعدني الله حتى أتم رسالتي ، أنا الذي إعتاد على الخروج من مثل تلك المواقف بكل هدوء ( لعلكم تتذكروننى بكل خير ) ولأن حبي لكِ أقوي من أن أبرئ نفسي ( أمام عدالتكم ) فسامحيني وأنصتي جيداً لعلها كما قلت المرة الآخيرة .
لدىّ أشياء كثيرة أقولها لكِ، ورغم أنى فكرت طويلاً فى ما سوف أقوله حين أشرع فى الكتابة، وصغته فى ذهنى عشرات المرات فإن الأفكار تتزاحم الآن فى رأسى حتي أنني لا أتذكر ما كنت أنوي أن أقوله ولكنني سأحاول .
حبيبتي إعلمي أنى الآن سأقصو – ربما - عليكِ وعلي نفسي فأرجوكِ لا تستسلمي وتابعي كلماتى الأخيرة حتى النهاية ، أحيانا يأتى الأشخاص في أوقات ما كان يجب لهم أن يأتوا فيها وأحيانا أخري ننتظر آخرين ثم لا يأتون .. بالطبع لا تفهمين شيئا ... فأنتظري دائما .
بعد محاولتها الاخيرة الفاشلة في الإرتباط بأول شخص وجدته بجوارها وقت وصولها من الكويت كانت لا تثق في أحداً ، ولدت و تربت حيث أتمت عامها الثامن بعد عشر ثم عادت إلى قلب القاهره مع أمها وظل أبويها هناك يحصدون المال من مزارع الأموال هناك .. لا تتعجبكي فكان أخوها الأكبر بمثابة أب لها وكان هذا الحصاد سبب في أن وجدته بجوارها حتى ظهر على حقيقته فأنفصلا عن بعضهما ومن بعدها وهي لاتثق في أحد ، كانت تعتقد أن أموال أبويها مطمع كل ذئب ... مر عاماً وربما أقل بكثير حتى ظهر الشخص الصحيح في الوقت الخطأ قالت أنه كان يحبها ويسعي لأن يحتويها ولكنها كانت متردده هل هو مثل من مضىَ !!
إتخذت قراراً سريعاً وقررت ألا تتعدي تلك العلاقة خط الصداقة لا أكثر ولا أقل ، لا كان أقل .. لأنه وعندما تطورت علاقتهما رغماً عنها قررت أن تبتعد بدون سابق إنذار.
هي السمراء الجميلة ذو الوجه القوي الأنثوي ومظهرها العربي .. لا بل شديد العروبة ، متوهجة دائماً منطلقة عفوية نوعا ما لكنه كان يحب ذلك لأنه يشعره بقوته التي تختفي بمجرد أن يكون معها ، عندما رآها لأول مرة لم يعرف ما الذي جذبه تجاهها دوناً عن سائر الموجودين ربما لأنها الأكثر أنوثه أو ربما لأنها الوحيدة التى على الرغم من صخبها إلا أنها هادئة من الداخل ؟!! أو ربما لأنها الوحيدة التى لم تستطع أن تخفي أنوثتها ؟! صدرها النافر فى إفتخار ودلال محكوم لم يحدث له أن فُتن بإمرأة بهذه الطريقة منذ عدة أعوام لا يستطيع حسابها لكنها كانت في فترة المراهقة ، عيناها السوداتان الواسعتان حين تزينهما بالكحل يصعب عليك النظر إلي شئ آخر ، حين تضع أحمر الشفاة تصبح المقاومة صعبه فتقرر الإستسلام ، أنفها الصغير هذا عندما كانت تصاب بالذكام فيتحول إلى اللون الأحمر يزيدها جمالا فوق جمالها ، كانت عندما تريد أن تطلق أنوثتها في الهواء الطلق تفعل فتجدهما مثل فرساً في سباق الـمئة ميل يصدر منها وهجاً لا تستطيع مقاومة سحره ، هى التى كلما كان معها دخل فى حالة من الإضطراب العام كأنه ثمل أبله لا يستطيع التحدث فينصت لها كأنها إله يتحدث كما يقول الامام محي الدين بن عربي "  تُحيي إذا قَتَـلت باللحـظِ مَنــطِقَها "
ظل يبحث عنها كثيراً في كل مكان حتى أنه قرر البحث في ذاكرته على شئ ربما يوصله إليها وبعد أكثر من شهر بالفعل وصل إليها ولكن ليس عن طريق بحثه إنما صدفة ، كان لقائهما صدفة كل شئ صدفة مجرد صدفة تحرك علاقة على شفا حفرة هى من تسقطها بإستمرار إلي هُوّة كما تقول أسطورة سيزيف " سيزيف او سيسيفوس كن أحد أكثر الشخصيات مكراً بحسب الميثولوجيا الإغريقية حيث إستطاع أن يخدع إله الموت ثانتوس  وتكبيلة مما أغضب كبيرة الالهة زيوس فعاقبته بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه فإذا وصل القمة تدحرجت إلى الوادي فيعود إصعادها إلى القمة ويظل هكذا حتى الأبد فأصبح رمز العذاب الأبدي " لم تفسر في المرة الأولي لماذا رحلت ولا في الثانية ولا الثالثة عندما كان يسألها كل مرة كانت تكذب عليه بغرض الهروب - كان يعلم ذلك - فتركها ولم يقصو عليها.. الحب كان نقطة ضعفهما وربما نقطة ضعفه هو وحده .. كان ضعيفا جداً أمامها .. في نهاية الأمر قرر هو أن يرحل .. يرحل أولا تلك المرة لأنه ليس سيزيف .. فذهب وذهبت هي أيضا وبقي الحب لا نعرف بقي في قلب من فيهم .. لكنه بقي.
لم تنتهي حُلوتى تلك الرواية مازالت مستمرة طالما إستمر الحب في قلب أحدهما ليتني أقابلهم حتى أسألهم ماذا حدث بعد الفراق الأخير ، حتى لو ... ياليت هناك وقت إضافي معنا كي أكمل لكِ ما حدث عندما أعرف باقي التفاصيل .
حروفي الغير مرتبة و حيرة كلماتي بين جمل لا تعرف أين تسكن كلها بسبب ما أمر به .. أصبح جسدي الآن ينتفض من إرتفاع درجة الحرارة على الرغم من برودة الجو و عروق يديّ تكاد أن تسلك طريقاً آخر غير جسدي وجفون عينيّ التى تكاد تطبق بعضهما البعض وكل هذا وأكثر سامحيني عليه.
تلك كانت قصتها هي إن لم أنحرف عن السياق كما قلت لكى كلماتى غير مرتبة ولا أعرف أين أضعها - المهم - تلك كانت قصتها هي أما هو ف قصتة بدأت بعدما إنتهت علاقتهما.
كان يعتقد أنه فعل ما هو صواب لكن الحقيقة على العكس تماما أظن أنه كان يأخذ بالثأر و ينتقم لكن ليس منها بل منه .. ظل مجنوناً متيماً بها يفكر فيها صباحاً و مساءً حتى قرر الإنعزال تماما عن كل شئ حوله ، لا أريد أن أصف لكي كيف هو حتى لا أطيل عليكِ لكنه قرر أن يعاود - الإتصال - بها مرة أخري ليعتذر ربما لنفسه قبل أن يعتذر لها .. بالفعل أجرم في حق نفسه وفي حق قلبه و حبه الأول لكن الوقت قد مضي بعيداً وإختفت تماما .. أو هكذا هو شعر .
حبيبتي إذا كنتِ يوماً ستعشقين فسامحي وإغفري دائما فالحب هو ثمة من ثمات الآلهه من يقول لكي أن ثمة ما يسمي بـ " كرامة " بين إلهين فهو يكذب عليكي فالغفران أقوي وأسمي من تلك المسميات البشرية وإسمعي ما يقوله الفارضي في قصيدة الرائعة " هو الحُبّ فاسلم بالحشا ما الهَوى سهلَ ، فـما اخـتارَهُ مُـضْنى بـه وله عقْلُ ، وعِـشْ خـالياً فـالحُبّ راحتُهُ عَناً وأَوّلُــهُ سُـقْـمٌ وآخـرُهُ قَـتْلُ ، ولـكنْ لـديّ الـموتُ فـيه صَبابةً ، حـياةٌ لـمَن أهـوى عليّ بها الفضل ، نـصحْتُك عِـلماً بالهَوَى والذي أرى مـخالَفَتي فـاختر لـنفسكَ مـا يحلو ، فـإن شـئتَ أن تحيا سعيداً فمُتْ بِهِ شـهـيداً وإلاّ فـالغرامُ لـهُ أهْـل ، فـمن لـم يـمُتْ فـي حُبّه لم يَعِشْ به ودون اجـتناءِ النّحل ما جنتِ النّحل ، وقُـلْ لـقتيلِ الـحبّ وَفّـيتَ حقّه ، ولـلمدعي هيهاتِ ما الكَحَلُ الكَحْل " ويقول ايضا " من مات فيه غراما عاش مرتقيا ما بين أهل الـهوى في أرفع الدرج " الفرصة دائما ما تأتي مرة واحدة لكل إنسان فلا تضيعيها ولا تسيئي إستخدامها لأنها لن تأتي مرة أخري .. وإن عادت سوف تكون منقوصة .. الحب يساوي الغفران .. كوني إلهة .. الكرامة ثمة بشرية .. لايوجد شخص يستطيع أن يحيا بدون الحب ومن يفعل فإنه يدعي كذباً إعطي دائما فرصة ثانية و ثالثة وسامحي في كل مرة .
دائما إفتحي قلبك للحياة .. حِبي ثم حِبي ثم حِبي ، لا تهجري أبداً ولا تندمي أبداً ولا تتسرعي في الحكم على الآخرين وإتخذي دائما القرار الأكثر حكمة .. أنتِ سيدة قرارِك ولن يجلدك أحدا على قراراتك الخطأ سوى نفسك وإحذري من جلد النفس فهو قاتل
حُلوتي
في سطوري الأخيرة أريد أن أعتذر لكِ .. أريدك حقا أن تسامحيني إن كنت قد أخطئت في حقك ذرة ... أما عني فأنا سأقتبس قول أبو الحسن الششتري حين قال " مَالي سِواكُمُ غَيْرَ أني تائِبٌ " أتوب إليكِ مريم
ربما تجدين رسالتي تلك متشابهة مع رسائل عديدة قد قرأتيها من قبل و ربما مر أحد أصدقائك بتجربة مماثلة .. إعلمي أن كل ما جاء هنا مجرد صدفة غير مقصودة ، إلى اللقاء يا حبيبتي .. سأشتاق إليكِ كثيراً ...
أباكِ غجري.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عاطشف ... تعالى فى سكس

عاطشف ... تعالى فى سكس عنوان ممكن يكون سئ .. لكن اكيد مش اسوء من الواقع هدخل فى الموضوع على طول وبدون مقدمات الشعب العربي بقا بيفكر بنصه التحتانى" عندى قناعه ان... "لحل اى مشكلة .. لابد من مواجهة المشكله" بمعنى .. لما نعترف ان العرب بقو عباره عن Sex Machine مش كدا وبس ... لأ كمان تحولت نظرتهم للمرأه او البنت على انها عبارة عن سله زباله بيرمو فيها كبتهم و سفالتهم وتفكيرهم الوسخ انا عارف ان المشكله دى ليها اسباب واهمها التربيه الوسخه الى هما اتربوها التعليم الفاشل بتاع الحكومه الشيوخ الى سابت الدعوه واتجهت للسياسه وكفرت البشريه كلها كفايه كدا عليا سمعونى رأيكم فى الموضوع .

إلي اللقاء بيلار

في هذا التوقيت الساعة الخامسة مساءً وقبل أن يفيض الليل كل السماء بلونهِ الأسود الكئيب اللهُم إلا بضع لآلِئ بيضاء  ، وبجانب شباك الميني باص ، الهواء يهز ما تَبقي من شعري و آخر يلكُمني على خدي برِفق ، هي -التي لا أعرِف من هي- تقرأ بجواري عزازيل وأنا أنظُر إلى السماء في لونِها الواحد رمادي يميل إلي الأزرق أتأمل نسيم الهواء و أُتابع قراءة روايتي مئة عام من العزلة ، في أُذني أستمِع إلي من يبعث في جسدي الروح -ولكم في الموسيقي حياة- أستمِع إلي هبه طوجي .. تتعالي صرخاتها في أُذني ويتعالى رِتم الرواية حتي قوله " كانت تُسمى بيلار تيرنرا وكانت إحدي المشاركات في الرحلة التي إنتهت إلى تأسيس ماكوندو ... " نعم سأُسميها بيلار إلي الآن ، هي بيضاء أو شقراء لم أُدقق صراحةً ، عيناها خضراء تنبعث منها حياة ، شعرها الذي يتساقط عُنوة على خديها فترفعهُ بيدها وتُقلِب صفحات عزازيل بالأٌخرى  لم أحبها ولا أنا كنت مُتيم بها هي فقط أعجبتني ، الحالة فقط هي من أعجبتني فكيف لهذا الميني باص الذي يركبهُ البوساء يحوي تلك الفتاة بيلار ، نزلت بيلار في المحطة التالية ؛ صراحةً تابعتها ببِضع نظرات حتي غابت

لا للأحزاب الدينية

خالص عزائي الى كل من فقد آبً او أبن او أخ او زوج ، خالص عزائي لوطن حزين فقد آسر و جنود و شباب و بنات ، خالص عزائي الى رجل فقد شجاعتة وامرآة فقدت انوثتها وطفل فقد بهجتة وشيخ فقد هيبتة ..، مرت على مصر فترة من التمييز و التكفير و التهميش الديني و الأتهامات بالعمالة الخارجية كادت انت تودي بالوطن الى منحدر خطير لا عودة منة لكن رفض الشعب وتمرد ضد   الذين أباحوا لِحاهم وعاثوا المدينة فسق الجلالة . من خصائص حقوق الأنسان انها ملك للناس كافة لأنهم بشر وتتميز بأنها حقوق عالمية أى واحدة لجميع البشر بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الدين أو الاصل الوطنى أو الاجتماعى وقد أرست الأمم المتحدة، باعتمادها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948   معايير مشتركة لحقوق الإنسان ، ورغم أن هذا الإعلان ليس قانوناً دولياً ملزماً، إلا أن مصادقة جميع دول العالم عليه منحت أهمية كبيرة لمبدأ   المساواة واحترام الكرامة الإنسانية لجميع البشر على اختلاف دياناتهم وأجناسهم بغض النظر إن كان الشخص غنياً أم فقيراً، قوياً أم ضعيفاً، ذكراً أم أنثى. فكانت شرارة الثورة المصرية الأولي قائمة على عدم إهدار حق الكرامة ل