التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أحببتُ صديقاً

أحببتُ صديقاً




بعد منتصف الليل ، حيث الهدوء يحكم زمام الأمور بصرامة اللهم إلا ثرثرات (عشاق مابعد منتصف الليل) .. نعم أسميهم هكذا وهم أيضا سمو أنفسهم هكذا ، إلا إنه ربما تكون تلك ثرثرة لصديقان قد أسئنا الظن بهما .. أكتب موضوعي هذا.
أكتب هذا الموضوع محاولاً فيه الوصول إلي تلك الثغرة عند البعض التي تجعله يخلط بين الصداقة " في مضمونها النبيل " و الحب محاولاً الفصل بينهما ووضع بذرة ضوء تنير الفرق بين العلاقتين عند البعض عن طريق وضع تعريف منطقي و علمي لكل منهما ، بالإضافة إلى الإجابة على السؤال الأهم – والذي هو لُب موضوعي - هل الصداقة تعبير عن حب عاطفي أم إلتزام بقيمة ثابتة؟ وكيف يري المجتمع "الصداقة الحقيقية" عندما ترتقي الى المنزلة الأسمي منها ؟ وهل تحقق الصداقة هو تواصل بين الأنا والآخر أم أنها تمكن الإنسان من معرفة ذاته وتحقيق أنانيته؟ لأنه وفي رأيي أعتقد أن الصداقة هي جزء من إشباع الأنا الذي ولدنا به.
يقولون أن الصداقة هي علاقة إجتماعية بين شخصين أو أكثر على أساس المودة والتعاون بينهم وأنها إحدى أهم الروابط التى ندركها عند نشأتنا مثل ما ندرك الجنس و إحتياجنا إليه و الجوع ...إلخ ، إلا أن الأخيران إحتياجات حيوانية لا أريد أن أشبه الصداقة –التى هي أكثر نبلاً - بهذا التعبير ، كما لا أقصد بـ" علاقة حيوانة " هنا المعني الحرفي للكلمة ، وهذا يذكرني بجملة قد قرأتها للإمام علي –رضي الله عنه- تقول : أصدقائك ثلاثة: صديقك .. وصديق صديقك .. وعدو عدوك ، وهو ما جعلني أتصور المعنى العميق لمفهوم الصداقة في تلك الجملة من حيث أنها ربما تكون الصداقة ليست فقط مشاعر بين إثنين -ك أي علاقة- إنما من الممكن أن تصبح منفعة متبادلة بين طرفين أو أكثر قائمة على مبدأ الإكتفاء من الآخر وهذا لا يعيب أو ينقص من شأنها لكن في النهاية هي إحدي أنواع الصداقات الموجوده لدينا دون الشعور بالضغينة ، لكن أكثر ما يمسني شخصياً هو كلام الفلاسفة القدامى فيقول كانط : إن الصداقة ، في صورتها المثلى ، هي إتحاد بين شخصين يتبادلان نفس مشاعر الحب و الإحترام ، بالإضافة إلي ما قاله هانس غادامير والذي أتفق معه بشده وهو يمثل آرائي حيث يقول: تثبت التجربة التاريخية للنوع الآدمي أن العلاقة بين الإنسان والآخر- فرداً أو جماعة- تتراوح بين التقارب والتباغض وتشهد موجات من المد حينا والجزر أحياناً ، مع العلم بأن العلاقة النبيلة تلك يجب ألا تتأثر بتقلبات البحر وإلا أصبحت تلك الصداقة في مهب الريح بالإضافة إلى أنه إذا حدث ذلك كانت لم تصل بعد إلي مفهوم الصداقة الحقيقي أو لم ترتقي بعد لتصبح "صداقة" .
ببساطة ... لماذا الصداقة تشبع الأنا ؟ لأننا في الصداقة نعرف أنفسنا في الآخر ويعرف الآخر أيضا نفسه فينا ولأن الإنسان يبحث دائماً على الكمال فإنه يُكوِّن صداقات ليسير أكثر كمالاً ، و لأن الصديق وحده من يستطيع أن يخرجك من كربك فدائماً تذهب إليه عندما يصيبك مكروه لأنك تعلم أنه يعرف علاجك ويعرف كيف يجعلك تسير أفضل ، فهو أمر تلقائي على الرغم من مساوئ الأنا عند الإنسان إلا إنه تظل أنا الصداقة هي الأجمل على الإطلاق .
أريد أن أوضح قبل أن أدخل في الفقرة الخامسة أنه قد يحتمل رأيي الصواب و الخطأ لأنه ليس بمسلمات ولا هو بترانيم من السماء فسامحوني إن أخطأت ، عموما .. قد يصل البعض إلي الهدف الأسمي و المنزلة الأعلي في الصداقة والتي هي تندرج أسفل العلاقات العاطفية لهذا هناك تفاوت صغير جدا بينهما لدرجة تجعل البعض لا يستطيع أن يفرق بين الصداقة و الحب و قد يظن البعض أنه عندما يجتمع شاب و فتاة فيكون بينهم علاقة عاطفية إلا أنهم ربما يكونوا قد وصلوا إلي مبتغاهم وإرتقوا إلى العلاقة الأسمي من الصداقة فيقول جبران خليل جبران : إن صديقك هو كفاية حاجتك هو حقلك الذي تزرعه بالمحبة ، وتحصده بالشكر هو مائدتك وموقدك لأنك تأتي إليه جائعاً ، وتسعى إليه مستدفئاً ، لهذا يبحث كل منا عن الصداقة التى تروي ظمأه لكن السؤال الأهم هو كيف يري المجتمع هذا النوع من الصداقات- التى هى بين شاب و فتاة- فوجدت عدة آراء تقول أن الصداقة بين الشاب والفتاة تكون أنجح من الصداقة بين الجنس الواحد لأن الغيرة بين الفتيات هى التى تفسد الصداقة ، والعلاقة بين البنت والولد من الممكن أن تكون بعيدة عن الأفكار السيئة التى يتخيلها المجتمع، ولهذا أجري أحد الباحثين المصرين إستطلاع رأي لإحدي الأمهات فقالت : إننى أعطى لأولادى حرية أن يكون لهم أصدقاء وصديقات لكن لابد أن أتعرف إليهم وإذا تمكنت من معرفة أسرهم يكون أفضل ، ويرى الدكتور محمد عويضة "أستاذ الطب النفسي جامعة الأزهر" : أن الصداقة بمثابة مؤسسة من مؤسسات الصحة النفسية الإجتماعية وككل الأشياء لها جوانب إيجابية وجوانب سلبية، فمن خلال هذه المؤسسة يشعر الإنسان بالإنتماء إلى آخر أما الصداقة بين الجنسين فهى مهمة جداً فى التطور النفسى للإنسان خصوصاً فى المرحلة العمرية من 15 - 20 سنة أى مرحلة المراهقة ، والمجتمعات التى تمنع وتحرم العلاقة الطبيعية بين الجنسين في مراحل العمر المبكرة تنتشر بها ظاهرة الشذوذ الجنسى وأيضاً المجتمعات المفرطة فى العلاقات بين الجنسين تنتشر بها العلاقات غير الطبيعية بين الجنسين وأيضاً الشذوذ مثل إذا حُرم الإنسان من الماء يموت عطشاً وإذا ألقى به فى الماء يموت غرقاً بينما القليل يروى العطش ويحافظ على الحياة، وتقول الدكتورة سامية الساعاتى "أستاذة علم الإجتماع جامعة عين شمس" : الصداقة قيمة سامية وهى علاقة بين إثنين أو أكثر تقوم على الإختيار الحر والتوافق والمشاركة والمصارحة إلى غيرها من القيم الجميلة والمضيئة فى حياة كل إنسان، فالمجتمع العربي غالباً ما يؤيد وجود صديقة للشاب ولا يؤيد وجود صديق للفتاة أو إنه يعتقد أن أي علاقة بين شاب و فتاة فبالضرورة تكون علاقة عاطفية فينظرون إلى هذه الصداقات بعين الريبة والشك دون الأخذ في عين الإعتبار أنها أكثر براءة مما قد يظنون فيقول ميخائيل نعيمة: متى أصبح صديقك بمنزلة نفسك فقل عرفت صديقاً.
أعتقد أن علماء النفس حاولوا كثيراً دراسة الفرق بين الصداقة و الحب و أعتقد أيضا أن بعضهم توصل بالفعل إلي نتائج قد أرضتني شخصياً عندما قرأتها فيقول عالم النفس دافيز: إن الحب والصداقة يتشابهان في وجوه عديدة غير أنهما يختلفان في مظاهر أساسية تجعل من الحب علاقة أعمق إلا أنها أقل إستقرار ، ويعبر دافيز عن العلاقة بين المفهومين في جملة موجزة يشير فيها إلى أن : الحب صداقة إذ أستوعب كل مكونات الصداقة ولكنه يزيد عليها الشغف و العناية والإفتتان و الرغبة الجنسية ، فيؤكد (علم نفس-الحب) بأن أحد فروق " حب الصداقة " و " الحب العاطفي " يكمن في العشق و الذي هو الجزء الأكثر مسئولية عن الإنجذاب الجنسي. العشق هي أسرع المكونات تطوراً، وأسرعها حينما تتلاشى، لهذا نجد أن العلاقات العاطفية آقصر من أي علاقة صداقة بين جنسين .
لهذا الصداقة ليست مجرد تعبير عاطفي إنمت هى إلتزام بقيمة ثابتة لم ولن تصل أبداً إلى تلك المنزلة الأخري ، وإن حدث فأنها خرجت من تلك الحالة وتصبح علاقة عاطفية بمفهومها الذي سبق توضيحه وفي رأيي أعتقد أنها سرعان ما ستفشل وتنتهي العلاقه بأكملها – صداقة كانت أو حب- ، أحسنوا الظن بالآخرين ولا تحكموا فقط بظواهر الأمور لعلنا في يوم نصير أفضل ، فأنا قد أحببتُ يوماً صديقاً .. ولكن أحببته لدرجه الصداقة النبيلة فقط وأنا سعيد بتلك الصداقة وأتمنى أن تستمر إلي الأبد ، تقبلوا تحياتى  .


شكر خاص لـ: داليا علي (المراجعة والتدقيق اللغوي)

تعليقات

إرسال تعليق

What's on your mind?

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عاطشف ... تعالى فى سكس

عاطشف ... تعالى فى سكس عنوان ممكن يكون سئ .. لكن اكيد مش اسوء من الواقع هدخل فى الموضوع على طول وبدون مقدمات الشعب العربي بقا بيفكر بنصه التحتانى" عندى قناعه ان... "لحل اى مشكلة .. لابد من مواجهة المشكله" بمعنى .. لما نعترف ان العرب بقو عباره عن Sex Machine مش كدا وبس ... لأ كمان تحولت نظرتهم للمرأه او البنت على انها عبارة عن سله زباله بيرمو فيها كبتهم و سفالتهم وتفكيرهم الوسخ انا عارف ان المشكله دى ليها اسباب واهمها التربيه الوسخه الى هما اتربوها التعليم الفاشل بتاع الحكومه الشيوخ الى سابت الدعوه واتجهت للسياسه وكفرت البشريه كلها كفايه كدا عليا سمعونى رأيكم فى الموضوع .

فرش وغطا وما بين الثلاثة مشاهد

مشهد واحد: البطل ملقي على الارض مقتولاً على أيدي متعصبين. انتهي الفيلم. ربما اكون ظالماً قليلاً .. وربما لست مثقفاً بالطريقة الكافية لتقبل فيلماً   صامتاً وعندما بدأت محادثة بعد منتصف الفيلم بقليل يصبح مزعجاً بطريقة كافية لجعلي اخفض الصوت او اجعلة صامتا-مش فارقه كتير- او عندما من المفترض –في رآى- ان يتحدث البطل مع الشخص الاخر ولا يفعل .. اقوم انا بالتحدث بدل منه واكتب سيناريوا للحوار الذي لا يتعدي 7 ثواناً وربما اقل لكن اردت البدأ بالنقد السالبي قبل الاجابي .. لأجعل لنفسي مساحة كافية من الفضفضة في إيجابيات هذا العمل الذي –إجمالياً-اعجبني. مشهد اثنين: شخص ملقي على الارض يتألم-ربما-يحتضر حتى الان لا نعرف كل ما نعرفة ان احدهما هو بطل الفيلم-شاهدناه من قبل بطلاً في مسلسل رمضان الماضي- وهنا كان السؤال مين دول ؟؟ بصراحه اي شخص هيتفرج ع الفيلم مش هيحتاج يعرف مين دول بقدر ما هيتمني ان البطل يتكلم-معلش مش متعودين- الملفت في الفيلم والامر الإيجابي هو الشخصيات الحقيقية الي كانت بتروي تجاربهم .. ودا الى خلي الفيلم يلفت انتباه الكثير من عشاق الافلام الهادفة "الروائية&quo

إلي اللقاء بيلار

في هذا التوقيت الساعة الخامسة مساءً وقبل أن يفيض الليل كل السماء بلونهِ الأسود الكئيب اللهُم إلا بضع لآلِئ بيضاء  ، وبجانب شباك الميني باص ، الهواء يهز ما تَبقي من شعري و آخر يلكُمني على خدي برِفق ، هي -التي لا أعرِف من هي- تقرأ بجواري عزازيل وأنا أنظُر إلى السماء في لونِها الواحد رمادي يميل إلي الأزرق أتأمل نسيم الهواء و أُتابع قراءة روايتي مئة عام من العزلة ، في أُذني أستمِع إلي من يبعث في جسدي الروح -ولكم في الموسيقي حياة- أستمِع إلي هبه طوجي .. تتعالي صرخاتها في أُذني ويتعالى رِتم الرواية حتي قوله " كانت تُسمى بيلار تيرنرا وكانت إحدي المشاركات في الرحلة التي إنتهت إلى تأسيس ماكوندو ... " نعم سأُسميها بيلار إلي الآن ، هي بيضاء أو شقراء لم أُدقق صراحةً ، عيناها خضراء تنبعث منها حياة ، شعرها الذي يتساقط عُنوة على خديها فترفعهُ بيدها وتُقلِب صفحات عزازيل بالأٌخرى  لم أحبها ولا أنا كنت مُتيم بها هي فقط أعجبتني ، الحالة فقط هي من أعجبتني فكيف لهذا الميني باص الذي يركبهُ البوساء يحوي تلك الفتاة بيلار ، نزلت بيلار في المحطة التالية ؛ صراحةً تابعتها ببِضع نظرات حتي غابت