التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فلسفتي في الموت


لكل شخص فلسفته الخاصة بهِ، عبارة عن مجموعة من القناعات والمبادئ تكونت لتشّكل إنسانًا ذو فلسفة – انا لديّ فلسفة، فلسفتي في الموت! 
يقول رينيه ديكارت – فيلسوف ورياضي وفيزيائي فرنسي – في فلسفتهِ الخاصة: “أعلم جيداً… أن لك ذهناً متقدًا، وأنك تعرف أن جميع ضروب العلاج لا تُهدِئ حزنك، لكن لا أستطيع الامتناع عن إخبارك بعلاج وجدته بالغ الأثر، لا في مساعدتي على أن أحتمل صابرًا موت أولئك الذين احبهم فحسب، وإنما كذلك في القضاء على خوفي من موتي، وذلك على الرغم من أنني أنتمي الى اولئك الذين يعشقون الحياة عشقًا جمًا… ويتمثل هذا الضرب من العلاج في النظرة إلى طبيعة أنْفسِنا، تلك الأنفس التي أعتقد أنني أعرف بوضوح بالغ أنها تبقى بعد الجسم وأنها قد وُلِدت من أجل ضروب للفرح والغبطة أعظم كثيراً من تلك التي نتمتع بها في هذا العالم، وانني لا أستطيع التفكير في أولئك الذين ماتوا إلا باعتبارهم ينتقلون الى حياة أكثر سلاماً وعذوبا من حياتنا، و إننا سننضمُ إليهم يوماً ما، حامليين معنا ذكريات الماضي ذلك لأنني أتبين فينا ذاكرة عقلية من المؤكد أنها مستقلة عن الجسم “.
المشكلة عندي ليست في الموت – كلنا سنموت – أرى أن الإنسان مثل فقاعة الماء – تلك التي كنت ألهو بها عندما كنتُ صغيراً – ومن بين ملايين الفقاعات الموجودة تقبع أنت في الوسط، أنت محور هذا الكون، أنت أهم دائرةٍ وسط كل الدوائر، يوماً ما ستنفجر إحدى الفقاعات بجوارك، لتنتهي إلى الأبد ، أما عن أثر تلك الفقاعة عليك فهو فقط ذلك الهواء الذي كان يقبع بداخلها .. ربما يجعلك تغير إتجاهك .. أو مكان مكوثك .. أو تنفجر من ورائها أثر دوي الأنفجار – غير ذلك، سيتلاشى أثرها مع الوقت.
كل تلك الأحداث وذلك الفراغ وذلك الكم من الفقاعات المنبجسة* من حولي لا تؤثر عليّ إطلاقاً – لأنني أعلمُ أنها نهاية حتمية لبدأ الحياة الآخرى، ولكن ما يؤثر عليّ حقاً هي الطريقة التى انتهت بها تلك الفقاعة!
نهايةٌ بعد صراع مع المرض الذي شق طريقه داخل جسد أحدهم، نهايةٌ بعد صراع مع الحياة لشخص ضل طريقة واختفت من حولة كل الفقاعات، نهاية بعد صراع داخل غرف العمليات حيث يأخذ مشرط أحدهم طريقه في جسده، نهاية بعد انحنائة ظهر، نهاية جعلتك تتمني لو أن تصل إلى النهاية الأن، أو يتمني لك أحدهم هذا، نهاية ترى فيها فقاعة في طريقها إلى الذبول أمام عينيك.. ذلك هو الصعب، ذلك هو الإنفجار الذي يمكن أن يؤثر عليك حقاً ولكن .. كلنا سننفجر. المشكلة الحقيقة هي ماذا سيحدث لتلك الفقاعات التي بجواري اذ انتهت رحلتي في هذا الفضاء؟ ماهو واقع أثر الهواء الخارج من فقاعتي على من بجواري!
ماهي الأضرار التي يمكن أن يسببها هيروشيما موتي على مَن حولي؟ هل سيتذكرني أحد! هل سيتذكر أحد كيف أن ثقبا ً صغيراً افرغ الهواء من داخل فقاعتي!… الكل سيأخذ طريقه في الصعود إلى أن تنفجر فقاعاتهم أيضاً. أختم فلسفتي انا أيضاً بفلسفة واحدٍ من أهم فلاسفة هذا الزمان، فيقول – كانط – فيلسوف ألماني – أنه: ليس الموت إلا القناع الذي يخفي نشاطاً أكثر عمقاً و أقوى مغزى وأن ما يسميه القانون بالموت هو المظهر المرئي لحياتي وهذه الحياة هي الحياة الأخلاقية .. ومايسمى بالموت لايمكن ان يقطع عملي لأن عملي ينبغي أن يُنجَز لأنني يتعين عليّ أن أقوم بمهمتي فليسّ هناك حد لحياتي، إنني خالد “.

*المنبجسة: كلمة مشتقة من اِنْبَجَسَ ومعناها إنفجر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شارع محمد محمود

شارع محمد محمود هتخش؟.. يقولها الرجل البسيط الذي يوزع الكمامات مجاناَ لكل من يفكر في أن يخطو إلي داخل الجحيم .. محمد محمود يقولها الرجل بطريقة تطرد أخر ما في صدرك من تردد وخوف، الخوف من تخطي الزحام إلي الصفوف الأمامية، حيث قد تنتهي حياتك أو تبدأ بداية جديدة مليئة بالألم والعذاب إذا أصبت وفقدت جزئاَ من جسدك، تفكر في كلمات الرجل ثم يتلاشي خوفك تماماَ بمجرد أن تسمع طبول الألتراس لا يوجد خوف هنا .. إنهم يحتفلون ... بمواجهة الموت، هذا المشهد أسطوري .. تشعر وكأنك قد عدت إلي حقبة زمنية من زمن الحروب القديمة عرفت الأن ما هي فائدة طبول الحرب ..  فهي تطرد كل أفكارك الخائفة في ساعة الصفر وتدفعك دفعاَ للأمام. عمود النور ذو الضوء الأصفر يلقي بظلاله علي الثوار المعتلين كل شئ في الشارع بداية من المباني إنتهائاَ بالعواميد .. بينما تلحظ بهتان ضوئه الذي سببه كمية الغاز المسيل للدموع التي حلت محل الهواء. إذا كان دخول جنة الحرية صعباَ .. فدخول جحيم محمد محمود أصعب، حيث يتسابق الجميع لنيل شرف التواجد في الصفوف الأمامية .. وسط صوت الطبول وسيارات الاسعاف والهتافات وهذا الضوء...

سور الأزبكية

    مترو الانفاق : هو دلؤقتى بس تقدر تقول عليه " ساونا الغلابة " ، اصل الساعة في غرفة الساونا بحوالي 200ج على اقل تقدير تخيل بقا بـ1 جنية تقدر تدخل الساونا وتخرج منها حد تاني خالص مشاءالله ... المهم دا مش موضوعي . سور الأزبكية : اول مره انزل سور الازبكية على الرغم من انى كنت كتيير بعدي عليه لكن عمري ما اشتريت منه كتب لان غالبا كنت بقرأ PDF الجميل في الموضوع هو شكل الاكشاك الممتع للنظر بالإضافة الى ان المكان يضم 132 كشك لبيع الكتب القديمة و الجديده و الاجنبية و المجلات العالمية بأسعار زهيدة جدا . نزلت ( محطة العتبة ) طلعت من سلم الخروج × التاني لحد ما وصلت لنص المحطة ... بصيت على كل المخارج لحد ما لمحت يافطة مكتوب عليها ( حديقة الازبكية ) ومشطوب عليها بالأسبراي المهم دخلت من الباب لقيتني في " سوق الجمعة تقريبا " وكلة فارش ع الارض وبيبع اى حاجه صيني ، طلعت السلم الي بيعلمك الصبر من بطئ الناس عليه دخلت ف اول شمال-الزحمة خفت-تقريبا محدش من عامة الشعب بيدخل شمال-ربنا يقوي إيمانهم- بعد كدا دخلت ف اول يمين سبت اول محل و التاني و التالت ع الشمال وو...

الجانب المضئ.. والمظلم

(2) في أعماق أعماق البحر.. لا يوجد صوت سوى الصمت، في البحر يمكن أن تسمع صوت الصمت.. وأحيانًا من بعيد صوت الأمواج وهي تمر من فوقك.. أيًا ما يكن مصدر الصوت فالصمت أقوى، ستشعر برغة في الإسترخاء لكن سيظل عقلك يفكر.. لن يتوقف عن التفكير، حتى مع محاولتك على كتم أنفاسك لأطول فترة ممكنة حتى الإختناق، ستظل الأفكار تأتيك سريعة إلى أن تعاود التنفس مرة أخرى، سواء بخروجك إلى السطح والعودة إلى الضوضاء أو التنفس من خلال إنبوب الأكسجين، على العموم وبعد تلك التجربة يمكنك الأن البدء في ترتيب أفكارك مرة أخرى وإكتشاف إنه في النهاية يمكنك أن ترى ما مضى بوضوح أكثر، الأن مضى عام كنت أظنه لن يمضي أبدًا، وها انا الأن أقف على حافته مبتسمًا حتى على الرغم من إنني لست سعيدًا كليًا، لكن عرفت أن كل شيء مهما كان مستحيلا سيمضي، وهذا هو الجانب المضئ، أما عن الجانب المظلم هو ما سيأخذه منك في النهاية.